معهد العلمين للدراسات العليا في النجف الاشرف


باحث في العلمين يقترح اعتماد النظام الانتخابي المختلط في العراق للجمع بين التمثيل النسبي ونظام الأغلبية
2025 / 09 / 30
1542

جرت في قسم العلوم السياسية بمعهد العلمين للدراسات العليا، الاثنين 29 أيلول 2025، مناقشة أطروحة الدكتوراه الموسومة " أثر العملية الانتخابية على الاستقرار السياسي في المجتمعات المتعددة - دراسة حالة العراق" للطالب " احمد راضي محمد علي"، وترأس لجنة المناقشة أ.د عامر حسن فياض من معهد العلمين للدراسات العليا، وضمت في عضويتها أ.د جبار علي جمال الدين وأ.م.د نجلاء مهدي محسن من معهد العلمين، أ.م.د نجم عبد الغزي من كلية الاعلام بجامعة ذي قار، وأ.م.د قاسم علوان سعيد من كلية العلوم السياسية بجامعة تكريت، وأ.د زيد عدنان العكيلي عميد معهد العلمين عضوا ومشرفا. 

قام الباحث بتحليل أثر العملية الانتخابية في العراق على الاستقرار السياسي ضمن مجتمع متعدد الانتماءات العرقية والدينية والمذهبية، وذلك من خلال دراسة النظم الانتخابية التي اعتمدها العراق بعد عام 2003، وبيان مدى انسجامها مع طبيعة التعدد المجتمعي والتحديات السياسية التي تعصف بالبلاد، منطلقا من فرضية مفادها أن النظام الانتخابي ليس مجرد آلية لتوزيع المقاعد، بل هو أداة حيوية لإنتاج نظام سياسي مستقر أو زعزعته، خاصة في الدول الخارجة من النزاعات والانقسامات، ذات التعددية المجتمعية، كما هو الحال في العراق.

     وبين الباحث أن العلاقة بين النظم الانتخابية والاستقرار السياسي في المجتمعات المتعددة هي علاقة جدلية ومعقدة، إذ إن بعض النظم قد تسهم في احتواء التنوع وتحويله إلى مصدر قوة سياسية بناءة، بينما تسهم نظم أخرى في ترسيخ الانقسام وتعزيز التمثيل الفئوي على حساب الوحدة الوطنية. وبعد ان استعرض الباحث التجربة العراقية، توصل الى استنتاج بأن اعتماد نظام التمثيل النسبي بالقوائم المغلقة أو المفتوحة جزئياً، قد أفضى إلى نتائج سلبية على الاستقرار السياسي في البلاد، تمثلت في تكريس الزعامات الحزبية، وتفتيت الخريطة النيابية، وتشكيل حكومات هشة غير قادرة على إدارة السلطة، مما خلق حالة من الجمود التشريعي والتراجع في الأداء المؤسسي. معتبرا أن النظم الانتخابية المطبقة في العراق منذ 2005 لم تسهم في تحقيق مشاركة سياسية فعالة، بل أدت إلى تراجع ثقة الناخبين بالعملية السياسية، وهو ما تجلّى في نسب الامتناع العالية عن التصويت، وغياب التمثيل الحقيقي لبعض المكونات المجتمعية، لا سيما الأقليات والمستقلين، وأن هذه النظم فشلت في نقل إرادة الناخب إلى السلطة بطريقة شفافة ومتوازنة، وبدلاً من تعزيز الهوية الوطنية الجامعة، ساهمت في إعادة إنتاج الهويات الفرعية والطائفية والقومية داخل البرلمان.

واوصت الدراسة بضرورة اعتماد النظام الانتخابي المختلط (متوازي)، حيث يجمع هذا النظام بين التمثيل النسبي ونظام الأغلبية، ودعت إلى مراجعة شاملة لمسار تطور النظم الانتخابية في العراق، وتقييم كل مرحلة انتخابية من حيث تأثيرها على التمثيل السياسي والاستقرار، بهدف تطوير نموذج انتخابي متراكم التجربة لا متقطع النتائج، وإعادة النظر في القوانين الانتخابية المتعاقبة بما يضمن صياغتها بأسلوب مبني على أسس دستورية ثابتة تعزز التمثيل الحقيقي للناخب، ولا تخضع للمناورات السياسية الظرفية مع كل عملية انتخابية، ومراعاة الخصوصيات التعددية للمجتمع العراقي بجميع مكوناته عند تصميم النظم الانتخابية، وذلك من خلال آليات تضمن العدالة التمثيلية لجميع المكونات من دون تكريس الانقسام المجتمعي. كما دعت الدراسة الى رفع مستويات المشاركة السياسية من خلال إصلاح البيئة القانونية، واعتماد آليات تشجيعية للناخب العراقي، فضلاً عن تطوير الحملات التوعوية الوطنية وتعزز الثقة بالعملية الانتخابية ومخرجاتها، وضمان التمثيل العادل للأقليات والمكونات العراقية عبر تخصيص مقاعد تمثيلية حقيقية تضمن إيصال صوتهم داخل قبة البرلمان، بعيدًا عن الاستيعاب الرمزي أو داخل الكتل الكبرى. وختمت الدراسة بالدعوة الى العمل على تطوير الوعي المجتمعي بدور النظم الانتخابية في تحديد شكل الحكم ومخرجاته، من خلال برامج تعليم مدني ومواطني منهجية في المدارس والجامعات، ودعم دور الإعلام الوطني المسؤول.

وبعد مناقشة مستفيضة تم قبول الاطروحة بتقدير جيد جدا عالي.