معهد العلمين للدراسات العليا في النجف الاشرف


المسؤولية الناشئة عن انتهاكات قوات حفظ السلام في معهد العلمين
2024 / 10 / 22
692


جرت في قسم القانون الخاص بمعهد العلمين للدراسات العليا، السبت ١٢ تشرين الأول 2024 ، مناقشة رسالة الماجستير الموسومة "المسؤولية الناشئة عن انتهاكات قوات حفظ السلام" للطالب "جاسم محمد حسين" وترأس لجنة المناقشة الاستاذ الدكتور عباس عبود عباس عميد معهد العلمين السابق، وضمت أ.د محمد سلمان محمود من كلية دجلة الجامعة،  وأ.م.د خالد غالب التميمي من معهد العلمين للدراسات العلي، وأ.م.د فاضل عبد الزهرة الغراوي عضوا ومشرفا، وبعد مناقشة مستفيضة تم إجازة الرسالة.

بدأ الباحث بالحديث عن قيام الامم المتحدة ولعقود من الزمن بعمليات لحفظ السلام والاستقرار في مناطق الحروب، حيث اضطلعت فئات مختلفة من قوات حفظ السلام من عسكريين وشرطة مدنية وموظفين مدنيين، بمهام الأمم المتحدة في ظروف قاسية وخطيرة.

معتبرا ان قوات حفظ السلام أداة مهمة في تعزيز الأمن الدولي، رغم التحديات التي تواجهها في التنفيذ والمراقبة، وساهمت هذه القوات في استقرار الدول المتأثرة بالنزاعات، وعملت على توفير بيئة مواتية لحل النزاعات بشكل سلمي، مما يسهم في تعزيز النظام العالمي لتحقيق السلم والأمن الدوليين.

وتناولنا النص مسؤولية قوات حفظ السلام الدولية عن الانتهاكات التي قد ترتكب في أثناء تنفيذ مهامهم، وذلك في سياق إحلال السلام وحفظ الأمن الدولي. 

مشددا على اهمية الموازنة بين ضرورة حماية حقوق الإنسان، وضرورة تحقيق الأمن، مع الإشارة إلى أن غياب المساءلة يؤدي إلى انتهاكات خطيرة، حيث تستند قوات حفظ السلام إلى ميثاق الأمم المتحدة، ولكن لا توجد نصوص واضحة تحدد مسؤولياتها، الامر الذي يثير الاختلافات في التفسير بين الفقهاء حول مستقبل هذه القوات وأصولها القانونية، ففي وقت تُعتبر قوات حفظ السلام "موظفين دوليين"، مما يمنحهم حصانات معينة، فان التفسيرات القانونية حول طبيعة هذه الحصانات تظل قيد النقاش، حيث تشدد النصوص على أهمية تعزيز المساءلة وحماية حقوق الإنسان عند تنفيذ مهام قوات حفظ السلام، ما يؤكد ضرورة وجود أطر قانونية واضحة تضمن عدم الإفلات من العقاب وتعزز مسؤولية كل من الأمم المتحدة والدول الأعضاء.

ولخص الباحث مشكلة الدراسة في صعوبة الوقوف على قانون محدد وموحد يمكن تطبيقه على أفراد قوات حفظ السلام الدولية في حال القيام بانتهاكات وجرائم تمس الأمن والسلم الدوليين، إذ يحدث تفاوت كبير في تحديد المسؤولية الجنائية من فرد إلى آخر على الرغم من تواجدهم بذات البعثة الدولية وللجريمة نفسها أو نفس الانتهاك الواقع, إذ يرجع كّل منهم إلى القوانين الوطنية لأفراد البعثة, مما دفع الساسة والمفكرين الضرورة وضع حل جذري لا يقبل النزاع أو التفاوض أو التهاون فيه، من خلال القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وضرورة مراعاة كّل دولة مرسلة بقواتها لعمليات حفظ السلام الدولية القواعد واللوائح المنظمة؛ لاحترام الناحية القانونية الدولية، ووضع قانون واجب التطبيق تبعاً للمسؤولية الجنائية الدولية اللاحقة

وفي الختام اوصت الرسالة بضرورة تعديل ميثاق الأمم المتحدة في ظل تزايد أهمية قوات حفظ السلام كوسيلة مهمة لحفظ وبناء السلم والأمن الدوليين، من خلال إيجاد مادة تنص على تلك القوات متضمنة تعريفها وخصائصها وكيفية انشائها، خاصة ان عدم وجود أساس قانوني لها يجعل من حماية تلك القوات أمر بالغ الصعوبة، وان كان إنشائها من قبل منظمة الأمم المتحدة أصبح قاعدة عرفية، لكن جوانب أخرى تستلزم النص عليها في الميثاق ولا سيما تلك المتعلقة بحمايتها ووضعها القانوني. كما اوصت بانشاء جهة رقابية داخلية بالامم المتحدة تكون مسؤولة عن متابعة اعمال قوات حفظ السلام في مختلف المناطق وتكون بجنسيات متعددة، واتخاذ الدول كافة التدابير اللازمة لضمان التزام قواتها بمعايير القانون الدولي واحترام حقوق الإنسان، وأحترام القانون الجنائي والمدني للدولة المضيفة، وإنشاء محكمة دولية تختص بمسائلة مرتكبي الجرائم ضد قوات حفظ السلام فضلاً عن مساءلة القوات نفسها عما ترتكبه من جرائم أثناء قيامها بمهامها، من أجل تلافي كافة المعوقات والتنازع بخصوص تحديد الولاية القضائية على مرتكبي الجرائم ضد قوات حفظ السلام. من أجل تلافي المعوقات المتعلقة بتفعيل اختصاص المحكمة الدولية الجنائية، كما اوصت بوضع اتفاقية خاصة بحماية قوات حفظ السلام، أسوة باتفاقية حماية الصحفيين مثلاً، تكفل حمايتهم وتضمن حقوقهم بصورة متكاملة، خاصةً بعد التجاء الدول المساهمة بقوات وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية الى إبرام اتفاقيات ثنائية تسمى اتفاقيات الحصانة تتعارض مع مبادئ القانون الدولي العام، وتعديل ميثاق الأمم المتحدة ، في الجوانب الخاصة بتشكيل قوات حفظ سلام دائمة وجيد التدريب وعلي أهبة الاستعداد لتنفيذ التدخل الإنساني متى ما استدعي الوضع ذلك ولضمان سرعة التدخل ، على خلاف المنهج المتبع حاليا بتجميع القوات من الدول متى ما استدعت الحاجة إليها، وتفعيل دور الاتحادات القارية في عمليات حفظ السالم باعتبار أنها وبحكم وجودها في ذات الرقعة الجغرافية للدولة المتدخل فيها فإنها تدرك كافة الظروف المحيطة بها، واخيرا تحديد الاختصاص في عملية حفظ السلام  للأجهزة في الأمم المتحدة.