جرت في قسم العلوم السياسية بمعهد العلمين للدراسات العليا، الثلاثاء 17 أيلول 2024، مناقشة أطروحة الدكتوراه الموسومة" أداء البرلمان العراقي بين عامي 2005-2021 " للطالب " حسن كريم مطر الكعبي". وضمت لجنة المناقشة أ.د عامر حسن الفياض عميد كلية الامال الجامعة رئيسا، وأ.د زيد عدنان العكيلي عميد معهد العلمين للدراسات العليا عضوا ومشرفا، وضمت في عضويتها أ.د محمد ياس خضير رئيس قسم العلوم السياسية في معهد العلمين، وأ.د احمد غالب محي من كلية العلوم السياسية بجامعة النهرين، وأ.د سرمد الجادر ، وأ.د جبار علي عبد الله من معهد العلمين للدراسات العليا.
أكد الباحث في بداية اطروحته ان النظام البرلمانيّ يعتبر من أكثر النظم انتشارًا في دول العالم، وأكثرها تحقيقًا للديمقراطيَّة، وان الهيئة التشريعيَّة في النظم البرلمانيّة تعد إحدى المؤسسات الرسميَّة المهمَّة في بناء الديمقراطيَّة، وتجديد الحياة السياسيّة وتنميتها، باعتبارها المُمثلة لإرادة الشعب، والمُعبّرة عن مصالحه، والحارسة لحقوقه وحرياته، وهي الهيئة القادرة على امتصاص التوجهات الجديدة في المجتمع واحتوائها ومعاينة الأولويات الوطنيَّة والحاجات التي يفرزها المجتمع نتيجة للتطور والتغيير في تطوره.
وبين ان مشارك أساسي في صنع السياسة العامة بحكم وظائفه التشريعيَّة والرقابيَّة والسياسيّة والماليَّة، فمن حيث الوظيفة التشريعيَّة يؤثر البرلمان في السياسة العامة بتشريع اللوائح والأنظمة والقوانين أو إلغائها وتعديلها، ووضع القواعد العامة التي تنظم مختلف أوجه الحياة السياسيّة والاقتصاديَّة والاجتماعيَّة والثقافيَّة. وبوظيفة الرقابيَّة يؤثر البرلمان في السياسة العامة عن طريق متابعة وتقييم أعمال الحكومة، ومنع الانحراف والالتزام بالسياسة العامة والموازنة التي أقرَّها، وبوصفه سلطة رقابيَّة يحاسب السلطة التنفيذيَّة ويراقب تصرفاتها وقراراتها ومراجعتها إذا انحرفت، ويشكّل لِجان التحقيق في الانحرافات والفساد وإدانتها بما يحققُّ المصلحة العامة، أمَّا من حيث الوظيفة الماليَّة؛ فيؤثر البرلمان في السياسة العامة عن طريق تحديد حجم النفقات، وأخذ التدابير اللازمة لتحصيل الإيرادات، وتغطية العجز الماليّ في الموازنة سواء عن طريق الضرائب، أو بطرائق ووسائل أخرى.
لكنه أشار الى ان البرلمان في الديمقراطيَّات الناميَّة، يكاد يفتقد وظيفته الأساسيَّة وهي التشريع، بسبب عدم توازن المؤسسات، حيث يختل الميزان لمصلحة الهيئة التنفيذيَّة، كما ان الرقابة البرلمانيّة على العمل الحكوميّ تُعدُّ غير مُتحققة في أغلب النظم ذات الديمقراطيَّات الناشئة.
وقام الباحث بدراسة أداء البرلمان العراقيّ بين عامي 2005-2021 ، للتعرّفَ إلى طبيعة هذا الأداء، وأهم التحديات والمعوقات التي تحدُّ من أداءٍ فعالٍ للوظائف البرلمانيّة، ومن ثمَّ وضع الحلول والآليات المناسبة لتحسين الأداء البرلمانيّ في العراق.
ومن بين الملاحظات التي سجلها على عمل البرلمان خلال مدة الدراسة، عدم تشكيل مجلس الاتحاد الذي هو رديف لمجلس النواب، وعدم تشريع القوانين التي تتعلق بالمواد والفقرات التي نصَّ عليها الدستور والتي أكدَّ عليها بأن تشرع بقانون، إذ إنَّ هناك (55) مادة دستوريَّة لم تشرع قوانين خاصَّة بها، أو تمَّ تشريع عدد قليل منها، وأهم هذه القوانين التي لم تشرع هي قانون مجلس الاتحاد، وعدم تشريع قوانين ذات إجراءات تنفيذيَّة سريعة وفعَّالة تسهم بشكل كبير بتفعيل الاصلاحات السياسيَّة والاقتصاديَّة والاجتماعيَّة والثقافيَّة، وارجع أسباب تراجع عمل البرلمان الى تكريس مبدأ المحاصصة التي تجسدت في أنَّ الكتل المتمثلة في مجلس النواب موجودة نفسها في الحكومة، ومن هنا لم يجرؤ أي عضوٍ أو كتلة نيابيَّة على تحريك الدور الرقابيّ لخشيتها من إقدام الأعضاء أو الكتل الأخرى للقيام بالدور نفسه ضدها، ولاسيّما أنَّ معظم هؤلاء أصبحت غايتهم الأساس حماية مصالحهم الخاصَّة أو الحزبيَّة الضيقة.
وفي الختام أوصى الباحث بضرورة الالتزام بمبـادئ الدستور، وعدم تغيب دور أعضاء البرلمان، ووجوب إجراء تعديل على الآليَّة التشريعيَّة المنصوص عليها في النظام الداخليّ لمجلس النواب، كما دعا الأحزاب السياسيَّة في العراق لإعادة النظر وتقويم تجربتها منذ 2005، ومغادرة القوالب التي وضعوا أنفسهم فيها والابتعاد عن المصالح الحزبيَّة اتجاه تحقيق المصلحة العامة، وإعادة النظر بأدائها السياسيّ والعمل على بناء مؤسسات الدولة بشكل مؤسسيّ ودستوريّ، وترك تعارض الإرادات واختلاف المصالح التي ينطلقون منها في رسم ماهيَّة الأطر العامة لتنفيذ المشاريع.