التنافس على القيادة الاقليمية في الشرق الأوسط بعد عام 2011 في دكتوراه بالعلمين.
2023-04-11
النص
339
جرت في قسم العلوم السياسية بمعهد العلمين للدراسات العليا،  الثلاثاء 11 نيسان 2023 ، مناقشة اطروحة الدكتوراه الموسومة " التنافس على القيادة الاقليمية في الشرق الأوسط بعد عام 2011- نماذج مختارة " للباحث " عبدالعظيم اسماعيل عبيد ". 
ومن أهم أهداف الدراسة، كما اوضحها الباحث: الكشف عن بداية فترة التنافس الإيراني التركي وحسب الاولوية ضمن الاهمية الاستراتيجية في دوائر التنافس الإقليمي، وبيان وتحليل مرتكزات القيادة الاقليمية لكلا الدولتين المتنافستين من القوة الصلبة والناعمة، ودراسة وتحليل أبرز التحولات في الاستراتيجيات الإيرانية والتركية بعد عام 2011، وبيان تأثير تلك التحولات في مسار التنافس بين البلدين حول دوائر التنافس الإقليمي، وتوضيح أهم المجالات والقضايا التي يدور حولها التنافس الإيراني والتركي في مناطق الامتداد الجيوبولتيكي المجاور للعراق وسوريا، ودراسة وتحليل مسار التنافس الإيراني التركي في منطقة الشرق الأوسط، وتقديم رؤية مستقبلية لمسار التنافس الإيراني التركي بالاستناد على السيناريوهات المعدة لمستقبل التنافس الاقليمي.
تحدث الباحث في بداية الاطروحة عن ظاهرة التنافس، معتبرا اياها أحدى أوجه التفاعل بين الدول، وتنشأ نتيجة احتكاك وسعي الدول من أجل تحقيق مصالحها وأهدافها، انطلاقاً من إمكانياتها المتاحة على شكل علاقة تسابق سلمي، وكلما حاول أحد الأطراف المبالغة في الانفراد بهذه المصالح والاحتفاظ بها لنفسه ومنع الاخرين من الوصول اليها، كلما شكل ذلك سبباً لجلب التوتر الذي يمكن ان يخرج التنافس عن نطاقه السلمي، ليتحول إلى صراع، أو يتطور في اتجاه إيجابي ليتحول إلى تعاون في ظروف أخرى معاكسة.
واكد الباحث ان منطقة الشرق الأوسط أصبحت ساحة للتنافس الدولي والاقليمي، لما لها من أهمية من الناحية الاستراتيجية والجيوبولتيكية، ووجود احتياطات هائلة من النفط والغاز، فموقع الشرق الاوسط في قلب الاهتمامات الدولية والاقليمية أسهم في حدوث تنافس دولي وإقليمي على هذه المنطقة، لما تمتلكه من أهمية سياسية واقتصادية واستراتيجية، فضلاً عن هشاشة الوضع فيها مما يسمح بخلق أجواء أكثر من مناسبة للفواعل الدولية والاقليمية لكي يكون لها دور فعال للتحرك في المنطقة، إذ كان للفراغ الكبير في المنطقة نتيجة الاحداث المتسارعة فيها، فضلاً عن كون الكثير من الفواعل الاقليمية في المنطقة ترسم سياستها بغطاء وتأييد الدول الكبرى، الأثر الأكبر في بروز التنافس الاقليمي، ولهذا سعت الدول الاقليمية على توظيف ما تمتلكه من مقومات القوة للبروز كفواعل إقليمية لها ثقلها وتعمل على التمدد في المنطقة.
وبين الباحث ان منطقة الشرق الاوسط تتكون في الغالبية من الدول العربية والدول الواقعة في الجوار الجغرافي لها، وقد اوجدت طبيعية هذا التجاور، والذاكرة التاريخية المشتركة، المثقلة بالحقب الايجابية والسلبية، مصالح متوافقة أو متناقضة بين دول الاقليم، وقد جاءت الاهمية الاستراتيجية لمنطقة الشرق الاوسط نتيجة لهذا الجوار الجغرافي، الذي نجحت فيه دول من خارج النظام الاقليمي العربي في بلورة استراتيجيات اقليمية في طبيعة تعاملها مع دول منطقة الشرق الاوسط، على حساب الدول العربية، التي لم تنجح في وضع استراتيجية عربية متناسقة للتعامل مع بقية دول المنطقة، بما يحقق الحد الادنى من المصالح العربية المشتركة، ويعزز امنها الاقليمي، بل اتبعت سياسات متناقضة وصلت إلى حالة الغياب، والاكتفاء في معظم الاحيان بدور المشاهد او المساند لخطط الاطراف الاقليمية والدولية، وقد برزت كل من تركيا وإيران استراتيجيات إقليمية واعدة سمحت لها بالتدخل في أكثر من جهة عربية، خاصة وان منطقة الشرق الاوسط تتمتع بمكانة استراتيجية في التشكيلة العالمية الراهنة، إذ تتجمع فيها البؤر الساخنة، وتبرز أهمية الشرق الاوسط من موقعه الاستراتيجي الذي يربط القارات الثلاث آسيا- أوروبا- أفريقيا، وظلت هذه المنطقة على مر التأريخ والعصور ممراً حيوياً للمواصلات العالمية، وتتحكم المنطقة بمجموعة من أهم مواقع المرور الملاحية الدولية كقناة السويس التي تصل بين خليج السويس والبحر المتوسط، ومضيق باب المندب الذي يصل بين البحر المتوسط وخليج عدن، ومضيق هرمز الذي يربط بين الخليج العربي وخليج عمان، وايضاً مضيق البسفور والدردنيل وهي من الممرات الاستراتيجية التي تقع ضمن المياه الاقليمية التركية.
وذهب الباحث الى ان التنافس على القيادة الاقليمية قد أوقد جذور السباق إلى ملء الفراغ الاستراتيجي الناجم عن تراجع مكانة الولايات المتحدة الامريكية في منطقة الشرق الاوسط، وفاقم من التوترات الطائفية والمذهبية، ورفع مستوى التنافس الاقليمي، وعزز ميل اللاعبين إلى انتزاع مواطن اقدام جديدة لهم، واطلق طموحاتهم لإعادة رسم الخرائط، والى جوار ما يدور من حديث عن تراجع نسبي في قدرات الولايات المتحدة الامريكية، وحالة الاضطراب الواسعة التي تشهدها العديد من دول منطقة الشرق الأوسط، والعلاقات الاقليمية عامة، يتصاعد الحديث عن إمكانية صعود قائد اقليمي في منطقة الشرق الاوسط في ظل التحديات المتصاعدة فيها، معتبرا ان تنافس القوى الاقليمية في الشرق الاوسط ليس وليد اللحظة، إنما هو تنافس له جذور تاريخية، حيث تسعى كل دولة إلى تحقيق مصالحها وفرض ارادتها على ما عداها من الدول الشرق الاوسط المنافسة لها، وازداد هذا التنافس عقب ثورات الربيع العربي، وبروز نسق اقليمي متعدد القوى الشرق أوسطية، ومن ثم فهذه المرحلة – برأي الباحث- تعد انتقالية لتشكل نسق اقليمي جديد، من حيث شكل وطبيعة التفاعلات والتحالفات، وموازين القوى النسبية بين مختلف القوى الشرق أوسطية، والتي منها قوى فاعلة غير عربية على سبيل المثال أيران وتركيا وإسرائيل، وإلى جانب قوى عربية كدول فاعلة كالعربية السعودية، إذ لا توجد موازين ثابتة للقوى في منطقة الشرق الاوسط، بل هي متغيرة وفقاً لتداخلات مع القوى الكبرى، ولارتباط المنطقة بكيانات خارجية ذات تأثير واضح عليها.
وفي ختام اطروحته، أوصى الباحث بتفعيل أدوات الضغط من خلال تحشيد الرأي العام الجماهيري، والدعوة إلى وحدة الصف الوطني للوقوف بوجه الاطماع والتدخلات الخارجية، وعدم السماح للقوى الاقليمية الخارجية من جعل العراق ساحة تنافس وصراع، والنأي بالنفس عن هذا التنافس، وأن يكون القرار العراقي سيادي ومستقل، وأن يكون العراق حلقة وصل بين الدول الاقليمية لاسيما إيران وتركيا، كون العراق يخص بامتدادات دينية وثقافية واجتماعية مع إيران وتركيا، وبإمكانه أن يكون فاعل اقليمي عربي إذا ما أحسن استثمار موقعة الجيوثقافي، وضرورة اتباع سياسة متوازنة تخدم مصالح العراق لتدرك تركيا وإيران ودول المنطقة العربية حجم ومكانة العراق، والعمل على خلق جو من الثقة المتبادلة بين شعوب الدول الاقليمية المجاورة للعراق، وعدم التعصب للدين أو العرق أو الطائفة.