بمشاركة وزير النفط الاسبق الدكتور ابراهيم بحر العلوم.. ماجستير في العلمين تناقش مفاوضات عقود النفط والغاز.
2023-02-24
النص
845

جرت في قسم القانون بمعهد العلمين للدراسات العليا، الاربعاء 22 شباط 2023، مناقشة رسالة الماجستير الموسومة " المفاوضات في عقود النفط والغازِ على الصعيد الدولي " للطالب " اسامة عباس جابر "، تراس لجنة المناقشة الاستاذ المساعد الدكتور خالد غالب مطر التميمي، وضمت في عضويتها وزير النفط الاسبق ورئيس اكاديمية الطاقة الدكتور ابراهيم بحر العلوم.
بحثت الدراسة في موضوع المفاوضات الدولية، والتأصيل التاريخي لها في مجال عقود النفط والغاز، وقدمت تعريفا بالمفاوضات في ضوء القانون الدولي العام ، وبالخصوص عقود النفط والغاز، بين الإطار التفاوضي وبين الممارسات الدولية وآلية إبرام  عقود النفط والغاز على الصعيد الدولي، ومن ثم نطاق و طبيعَة المفاوضات. كما ركزت الدراسة على بيان الأساس القانوني للتفاوض في ظل وجود مصالح متعارضة أو مشتركة، فضلا عن المواضيع الخلافية، كتحديد نوع العقد ومحله، وأخيرا آليات التسوية عند وقوع الخلاف، كما بحثت الدراسة في نماذج من مفاوضات عقود النفط والغاز الدولية، كعقود الاستثمار الدولية في الحقول المشتركة بين الدول، ولاسيما مفاوضات التنقيب عن النفط والغاز في البحر الابيض المتوسط، والمفاوضات في الخليج العربي، واعتبرت أن المفاوضات على صعيد النفط والغاز، يمثل اولوية لكل الاطراف قبل إبرام  أي عقد على المستوى الدولي، وتأتي أهمية ذلك في أنهُ يرسم النية الحقيقية، ومن ثم قد يكون سبباً في منع الكثير من الخلافات في وجهات النظر، سواء قبل أو بعد نفاذ سريان ذلك العقد ذيِ الطبيعة الدولية.
واوضح الباحث أن المفاوضات تجري بين دول لمصالح أو استثمارات متمثّلة بعقود دولية استثمارية، أو مفاوضات تجري بين دولة وشركات أجنبية خاصةٍ، أو شركات تعود لدولِ، وبالتالي لعبت المفاوضات دوراً مهماً وبارزاً في الوصول إلى نقطة التلاقي، وأضحتْ أداة حلٍ لكثير من القضايا، ولولا المفاوضات لتحولت إلى نزاعات وصراعات بين الدول، وعليه، وبدلاً من اللجوء إلى المحاكم الدولية والتحكيم وغيرها من الأدوات والوسائل الدولية, أصبحتْ تؤدي دور التعاون اللامحدود بينَ  الوحدات والمجتمعات الدولية, فضلاً عن أن هناك عدداً كبيراً من المؤسسات الدولية أصبحت تأخذ دور الدول في مجال المفاوضات الدولية، وعلى الصُعد السياسية والإنسانية والاقتصادية والاجتماعية.
وقال الباحث أن النظر إلى موضوع المفاوضات الدولية وما يدور في هذا المصطلح, نراه مصطلحاً معقداً، يتناول مجالاتٍ متعددةً خاصةً ويتناول العلاقةَ بين الوحدات الدولية وهو من أكثر التطبيقات وجوداً سواء في الماضي أو الوقت الحاضر وفي قادم الأيام، مؤكدا ان للمفاوضات حضور دائم ومستمر ومهم لحل الكثير من الخلافات التي تنشأُ على المستوى الدوليِ، ولكافة الجوانب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وتكون وسيلة جيدة لتطبيق العلاقات بين الدول من خلال الجلوس لطاولة المفاوضات، إذ أن المفاوضات تكون برؤية منهجية وتطبيقية شاملة لحصيلة معرفية لكلا طرفي المفاوضات في إطار الموضوع المتفاوض عليه، وهذا يعكس درجة عالية من التقارب والوصول إلى الهدف المنشود. 
وفي موضوع العقود النفطية والغازية، اوضح الباحث ان للنفط دورٌ مهمٌ، لأنه يعدُ من الموارد والمعادن الطبيعية الاستراتيجية المتميزة, تترتب على هذه الأهمية حالةَ الدول من حيث قوتها واستقلاليتها أو ضعفها ،وتتزايد أهمية النفط والغاز بزيادة حالات ومجالات استعمالهما في مجالات شتى, وللنفط والغاز أهميةً سياسية واقتصادية, وهو ذو أولوية اقتصادية مالية خاصة للدول المنتجة للنفط والتي غالباً ما تنحدر من دول العالم الثالث، وكذلك يشكل أهمية قصوى للدول المستهلكة له التي تكون غالبا من الدول المتطورة المتقدمة صناعياً, ونتيجةً للاستخدامات المتعددة للنفط والغاز انتقل من نطاق ضيق في الماضي إلى استخدامات مهمة متقدمة في الصناعات الحديثة الطبية والكيمائية وتوليد الطاقة وغيرها من المجالات التي لا حصر لها, ونتيجة لتلكَ الاستعمالات المتعددة واختلاف توازن القوى بين الدول المنتجة للنفط دول العالم الثالث وبين الدول المستهلكة له ( الدول المتقدمة والصناعية) حدث تصارع وتزاحم على نفوذ الطاقة ومحاولة الدول المتطورة السيطرة على دول إنتاج النفط.
واشار الباحث الى ان عقود النفط والغاز تتميز عن باقي العقود الأخرى التي أُبرمت على المستوى الوطنيِ أو على المستوى الدوليِ في إطار المعاملات الدولية، فمن حيث موضوع ومحل تلكَ العقود هو مختلف تماما عن العقود العادية التي غالباً ما تنتهي وتنقضي بعملية واحدة بمجرد تنفيذها، كبناء استثماري أو تجهيز سلعة أو غيرها، في حين أن استخراج واستغلال عقود النفط والغاز التي تعد من الموارد الطبيعية إلهامه، تأخذ فترات زمنية طويلة، إذ يكون أحد أطرافها البلد المضيف للاستثمار، والطرف الآخر الدولة المستثمرة أو الشركة الأجنبية المستثمرةِ.
مبينا إن تلك العقود تُعد من العقود الدولية التي تخضع لأحكام قواعد خاصة ومبادئ القانون الدوليِ العام, ونتيجة لتلكَ الأهمية ظهرت الحاجة الملحة والمهمة لوجود مفاوضين دوليين مختصين في مجال التفاوض بتلك العقود المهمة. وكانت للباحث ملاحظات ناقدة للمفاوض العراقي في جولات التراخيص النفطية، وانه كان يفتقر الى المهارة التي تمكنه من كسب امتيازات لصالح بلده.
وفي نهاية رسالته، اوصى الباحث بضرورة قيام المؤسسات الدولية، ولاسيما المتخصصة في مجال النفط والغاز، كمنظمة أوبك او اوابك، بوضع آلية وقواعد لتنظيم المفاوضات العقدية، ومنها مفاوضات عقود النفط والغاز، باعتبار ان لها خصوصية تختلف عن عقود الدولة، إذ لها مفهوم قانوني بحت، واخراجها قدر الإمكان من المفهوم السياسي، لأهمية تلك الثروة الطبيعية، وحاجة البشرية لها خاصة في ظل الاحتياجات العالمية المتسارعة، وضرورة ادراج نص خاص في الاتفاقيات المتعددة الأطراف، فضلاً عن الثنائية، يقضي بلزوم اللجوء إلى خيار المفاوضة قبل اللجوء إلى وسائل التسوية الأخرى ولا سيما القضائية منها. كما اقترح الباحث على المشّرع العراقي بالأخذ بالخبرات الوطنية المتراكمة ، فضلاً عن التجارب الدولية، لوضع قواعد سير المفاوضات الممهدة للتعاقد، وإدراجه على أقل تقدير كملحق لمشروع قانون النفط والغاز، وهو تدبير وقائي سيساعد في حماية الثروات الطبيعية الوطنية في أثناء أي مبادرة تفاوضية تخص قطاع النفط والغاز العراقي، وطالب مجلس النواب العراقي والحكومة العراقية ووزارة النفط، بإعادة النظر في بنود مسودات وإجراءات التفاوض والتعاقد بخصوص عقد مد انابيب نقل النفط (بصرة – عقبة )، وفق ما ورد في الدستور العراقي النافذ لعام 2005م بالمواد (64/ثانياً) و(13/ثانياً) والمادة (27)، بسبب ما ورد في بنود الاتفاق من اجحاف بحقوق العراق الاقتصادية والمالية، بحسب الباحث، الذي اقترح على وزارة النفط العراقية، اعتماد برامج تدريبية مكثّفة تُسهم في إعداد فريق وطني محترف في المفاوضات ذات الصلة بالنفط والغاز، مطالبا وزارة النفط الاستعانة بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، لتخصيص مقاعد دراسية للطلبة العراقيين في الجامعات المعروفة عالمياً بتخصصها في هذا المجال، ومنها جامعة تكساس في الولايات المتحدة، والمتخصصة بمنح مقاعد للدراسات العليا في التفاوض بقطاع النفط والغاز، مطالبا المفاوض العراقي بالانفتاح على الشركات المساهمة في مجال الاستثمار الدولي بعيداً عن اندماج الشركات, لأن المشّرع العراقي لا يجيز الاندماج في الشركات، إضافة إلى قدرة الشركات المساهمة في جمع روؤس الأموال الكبيرة والعالية، لاسيما في مجال مفاوضات الاستثمار في القطاع النفطي تحت مسمى شركات تجارية، وطالب ايضا بضرورة تعديل المادة (9)من قانون الاستثمار الخاص، إذ أجازت هذه المادة المشاركة في الاستثمار وبنسبة (25%)في مجال تصفية النفط الخام وانتاجه في مجال الاستثمار الداخلي، معتبرا أن تعديله  بالسماح بالمشاركة بالاستثمار في المجال الخارجي، إضافة إلى المشاركة في الاستثمار الداخلي، سيفتح أفق التفاوض بشكل فاعل، لما للاستثمار الأجنبي من دور مهم في زيادة واردات الدولة، وتنمية الاقتصاد الوطني، والاستغلال الأمثل للثروة الطبيعية. وضرورة أن يتضمّن قانون النفط والغاز المزمع تشريعه السماح للشركات النفطية العراقية بالدخول في مسارات تفاوضية مع الشركات النفطية العالمية في ضوء المصالح المشتركة، واختيار طريقة التعاقد في العقود النفطية متنوعة ومتفاوتة، حسب سيطرة الدول الكبرى، والامكانية المالية الضخمة التي تمتلكها تلك الدول والشركات التابعة لها في مجال الاستثمار النفطي، وبطريقة المناقصة العامة في مفاوضات عقود النفط والغاز، وطالب المشّرع العراقي أن يجعل اتفاقيات عقود النفط والغاز تسير وفق إجراءات محددة، ومنها تصديق مجلس النواب العراقي ممثل الشعب, إذ تعد تلك الثروة ملكاً للشعب العراقي كافة، وأن يتمسك المفاوض بما أصدرته محكمة العدل الدولية من قرار بخصوص قضية الجرف القاري في بحر الشمال، ، حيث أصدرت قراراً بتقسيم الساحل الألماني مع هولندا والدنمارك وفق مبادئ العدل والانصاف بعيداً عن اتفاقية قانون البحار لعام 1982م الذي أُخذ إما بخط الوسط أو بمبدأ الامتداد القاري وهذا يضر بالعراق في سواحله، موكدا ان الوضع الجغرافي للعراق في الخليج العربي مشابه تماماً للوضع الجغرافي للساحل الألماني في بحر الشمال، من خلال توسط ساحل العراق بين ايران والكويت، خاصة عند النظر إلى غزارة وغنى هذه المنطقة بالموارد الطبيعية، باعتبار أن قرارات محكمة العدل الدولية لها أهمية في تطوير القانون الدولي العام