دراسة مقارنة لدور الادعاء العام امام المحكمة الاتحادية العليا في العراق رسالة ماجستير بمعهد العلمين..
2022-08-16
النص
1661


جرت في قسم القانون بمعهد العلمين للدراسات العليا، الاثنين 15 اب 2022، مناقشة رسالة الماجستير الموسومة " دور الادعاء العام امام المحكمة الاتحادية العليا في العراق – دراسة مقارنة" للطالب " يحيى كريم معن". 
وانطلق البحث من حقيقة أن الادعاء العام في العراق والدول التي تبنت هذا الجهاز المهم، يمثل ضمانة حقيقية لسمو الدستور، واحترام الحقوق والحريات الأساسية للأفراد، وحمايتها من الانتهاك، لكونه جهاز رقابي، غايته تحقيق العدالة والتطبيق السليم للقانون، باعتباره ممثلاً عن الهيئة الاجتماعية، اذ لم يعد دور الادعاء العام ومهامه تقتصر على ممارسة الوظيفة التقليدية والمتمثلة بإقامة الدعوى العمومية، بل تطورت وظيفة الادعاء العام – النيابة العامة - في العراق والعديد من النظم القانونية المقارنة، بحيث أصبح للادعاء العام دور واضح امام المحاكم الدستورية، اما من خلال منح الادعاء العام حق الطعن بعدم الدستورية، او من خلال  منحه مركزاً مهماً امام المحكمة الدستورية بحيث يتدخل في الدعاوى والطلبات المقامة امام المحاكم الدستورية.
وقال الباحث بما ان الدعوى الدستورية تمر عبر اجراءات عديدة ابتداءً من سير الدعوى ولحين اصدار الحكم فيها، فلا بد من وجود مركزاً للادعاء العام خلال سلسلة إجراءات الدعوى الدستورية، مشيرا الى ان المشرع العراقي لم يشر الى مركز الادعاء العام امام المحكمة الاتحادية العليا اسوة بالمشرع الاسباني، إذ منح النيابة العامة التدخل في الدعاوى المقامة امام المحكمة الدستورية في مسألة عدم الدستورية (الدفع الفرعي)، وكذلك استئناف الحماية الدستورية، والمشرع الاماراتي إذ اوجب على النيابة العامة التدخل في جميع الطعون والطلبات المقامة امام المحكمة الاتحادية العليا، ما عدا دعاوى النقض في المواد المدنية.
ويقول الباحث ان الادعاء العام في العراق، يمتلك اختصاصاً نوعياً جديداً، الا وهو الطعن بعدم الدستورية، بمقتضى ما ورد في المادة (5/11) من قانون الادعاء العام رقم (49) لسنة 2017، وان الادعاء العام قد مارس هذا الاختصاص من خلال الطعن امام المحكمة الاتحادية العليا بعدم دستورية التشريعات المخالفة لإحكام الدستور، لكنه اشكل بان المشرع العراقي لم يوضح طريقة الطعن، فيما إذا كانت بطريق الدعوى الاصلية، او بطريق الدفع الفرعي أم كليهما، إضافة الى عدم الإشارة الصريحة لدور الادعاء العام بالطعن بعدم الدستورية، سواء في الدستور بمقتضى المادة (93) منه، او في قانون المحكمة الاتحادية العليا رقم (30) لسنة 2005 المعدل ونضامها الداخلي رقم (1) لسنة 2005.
وقد خرجت الرسالة بمجموعة نتائج منها ، أن الادعاء العام في العراق يمتلك اختصاصاً جديداً، الا وهو حق الطعن بعدم دستورية القوانين والأنظمة النافذة، الذي ورد في الفقرة (11) من المادة (5) من قانون الادعاء العام رقم (49) لسنة 2017، فضلاً عن اختصاصاته الأخرى، وانه لم يعد يمارس الوظيفة التقليدية التي انيطت به باعتباره صاحب الحق بتحريك الدعوى العمومية، بل في ظل المجتمع الحديث تعاظم دوره وأصبح يتدخل في الدعاوى المدنية والدستورية، لكونه ممثلاً عن الهيئة الاجتماعية، ويمارس الرقابة على التطبيق السليم للقانون حفاظاً سمو الدستور ودفاعاً عن الحقوق والحريات الأساسية من الانتهاك، وأن قانون المحكمة الاتحادية العليا رقم (30) لسنة 2005 المعدل ونظامها الداخلي رقم (1) لسنة 2005، لم يشيرا إلى دور الادعاء العام بالطعن بعدم الدستورية صراحة، رغم ذلك نرى إن المحكمة الاتحادية العليا قد قبلت الطعون والطلبات التي تقدم بها الادعاء العام، مستندة مرة على لفظ "وغيرهم" الواردة في نص المادة(93) من الدستور، ومرة أخرى على لفظ " المحاكم " الواردة في المادة (4) من النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا. ومن بين النتائج التي خرج بها الباحث هي، عدم دقة الصياغة القانونية للنصوص الدستورية المتعلقة بالمحكمة الاتحادية العليا، وخصوصاً المادة (93) من الدستور، عندما تكلمت عن أصحاب الحق بالطعن بعدم الدستورية، ولم يفهم المقصود من لفظ " وغيرهم " فهل ترمز الى الأشخاص الطبيعية والاعتبارية؟، أم انها تحمل معنى أوسع من ذلك لتشمل الادعاء العام؟، وبين الباحث في استنتاجاته، أن المشرع العراقي لم يشر إلى مركز الادعاء العام امام المحكمة الاتحادية العليا أثناء سير الدعوى الدستورية ولحين اصدار الحكم فيها، باستثناء ما ورد في المادة (15) من النظام الداخلي، التي اشارت الى أن للمحكمة تكليف الادعاء العام بأبداء الرأي في دعوى منظورة امامها، وعليه ان يبدي رأيه تحريرياً خلال المدة التي تحددها المحكمة، ولم يبين النص مدى الزامية الرأي المقدم من قبل الادعاء العام، ولم يحدد الأثر فيما لو امتنع الادعاء العام او اعتذر عن تقديم رأيه، فقد جاء النص خالياً من بيان مركز الادعاء العام امام المحكمة الاتحادية العليا. 
ومن بين التوصيات التي طرحها الباحث، دعوة المشرع الدستوري بضرورة تعديل نص المادة (93/ثالثاً) من دستور العراق لسنة 2005، وذلك بإضافة الادعاء العام بوصفه أحد جهات الطعن بعدم دستورية القوانين والأنظمة النافذة امام المحكمة الاتحادية العليا، وضرورة تعديل نص المادة (5/11) من قانون الادعاء العام النافذ، والتي تضمنت حق الادعاء العام بالطعن بعدم دستورية القوانين والأنظمة النافذة التي اكتنفها الغموض وعبارات عامة ونصوص سطحية، كما دعا مجلس القضاء الأعلى، بوصفه الجهة المختصة بإصدار تعليمات تسهيل تنفيذ احكام قانون الادعاء العام رقم (49) لسنة 2017 ، وضرورة تفعيل رقابة الادعاء العام الواردة في المادة (5/11) من قانونه، من خلال منحه حق قبول الطلبات من المواطنين التي تخص عدم دستورية تشريع معين ورفعها الى المحكمة الاتحادية العليا، وكذلك قبول عضو الادعاء العام أثناء سير المرافعات طلبات الخصوم بعدم دستورية نص يراد تطبيقه على النزاع، ويقدمها الى المحكمة الاتحادية العليا عن طريق محكمة الموضوع، وطالب الباحث المشرع العراقي بتشريع قانون المحكمة الاتحادية العليا، تنفيذاً للمادة (92/ثانياً) من الدستور العراقي لسنة 2005، وضرورة أن يتضمن القانون المزمع تشريعه أصحاب الحق بالطعن بعدم الدستورية امام المحكمة الاتحادية العليا وضمنهم الادعاء العام، لكون المحكمة قد قبلت الطعون والطلبات التي تقدم بها الادعاء العام.
وبعد مناقشة مستفيضة تم إجازة الرسالة بتقدير جيد جدا.