جرت في قسم القانون بمعهد العلمين للدراسات العليا، الاثنين 12 اب 2024، مناقشة رسالة الماجستير الموسومة " تدمير البيئة في زمن النزاعات المسلحة.. دراسة في أسلوب الأرض المحروقة" للطالب " عماد عبد الحسين مهدي الفتلاوي"،
تناولت الدراسة النصوص والأحكام القانونية التي من المفترض ان تُوظّف لحماية البيئة من التدمير أثناء النزاعات المسلحة، بعد التجارب المؤلمة التي مرَّ بها العالم والمجتمع الدولي جراء النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية، والتي تركت اثار خطيرة على الانسان والبيئة معا، لاسيما عند استخدام الأطراف المتنازعة لوسائل وأساليب قتالية لا تراعي ولا تحترم قواعد ومبادئ القانون الدولي الإنساني المنصوص والمتّفق عليها كقواعد سلوك قتالية واجبة الاحترام من الجميع.
واعتبر الباحث ان إحدى الأساليب القتالية المثيرة للجدل، والتي ينتج عنها تدمير هائل وغير مُبرّر للبيئة، هو أسلوب الأرض المحروقة، معتبرا إياها من أساليب القتال البعيدة عن الأهداف المشروعة للنزاعات المسلحة، وبعيدة عن قوانين الحرب التي حاول المجتمع الدولي تقييدها وإلزام الدول بها تحت طائلة للمسألة الدولية.
كما سلطت الدراسة الضوء على الأساس المفاهيمي والقانوني لتدمير البيئة الطبيعية، ومن ثم استعرضت أبرز الجهود الدولية المبذولة في سبيل حماية البيئة الطبيعية, وتوقفت عند آراء فقهاء القانون الدولي، وكذلك القضاء الدولي، من استخدام أساليب الأرض المحروقة في النزاعات المسلحة، وقد استعرض الباحث نماذج لنزاعات مسلحة شهدت استخدام سياسة الأرض المحروقة ومنها حرب الخليج الثانية 1991، وحرب فيتنام 1955-1975، والعدوان الإسرائيلي على غزة في فلسطين، كنماذج للصراعات المسلحة الدولية، فيما استعرض صراع دارفور في السودان كمثال للصراعات المسلحة غير الدولية، مع التركيز على تدمير البيئة الطبيعية بهذه النماذج من الصراعات.
وأوصى الباحث في نهاية الرسالة بإعتماد معاهدة جديدة لحماية البيئة الطبيعية خلال النزاعات المسلحة، وتضمينها جملة من الاحكام القانونية، مع اعتماد معايير جديدة لتقييم الضرر البيئي، ومن ثم منع حالات تدمير البيئة الطبيعية، أو تقليل الاضرار التي تطال البيئة الطبيعية خلال العمليات العسكرية على اقل تقدير، كما طالب بتكثيف الجهود الدولية لإيجاد القواعد التي تعمل على سد الثغرات التي تخرق النصوص القانونية الدولية المتعلقة بحماية البيئة من التدمير الذي يطالها خلال استخدام الدول أساليب الأرض المحروقة في النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية، وضرورة تفعيل دور اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي ما زالت تمارس دورا وقائيا يستهدف تجنب الإضرار بالبيئة الطبيعية في حالات النزاعات المسلحة، وطالب بتشكيل جهاز قضائي بيئي متخصص لمحاكمة مجرمي الحرب الذين يعبثون بالبيئة الطبيعية، معتبرا غيابها ثغرة تقلّل من فرص القوة الزجرية للآليات القضائية في معاقبة المنتهكين والمخالفين لمقتضيات القانون الدولي في تدمير البيئة الطبيعية من خلال أسلوب الأرض المحروقة، وفي الردع المعنوي لمن له نية الإضرار بالبيئة الطبيعية في أوقات النزاعات المسلحة، كما طالب باستحداث مؤسسات دولية مختصة جديدة لتعزيز هذه الحماية والنهوض بها؛ وتحويل النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية إلى فرص لتحسين إدارة البيئة وحسن تدبير واستخدام الموارد الطبيعية، ورفع قدرات القائمين عليها، وبناء السلام البيئي والتنمية المستدامة المنشودة.